إقتصاد منطقة شفا بدران
عتمد اقتصاد منطقة شفا بدران بشكل أساسي على القطاع الخاص وتحويلات المغتربين وجامعة العلوم التطبيقية. وتشكل المنطقة نقطة جذب مهمة للشباب المغتربين الذين غالبًا ما يشترون شققهم الأولى فيها. يتغذى اقتصاد المنطقة من وجود الجامعة ووجود سوق أبو نصير، ورغبة المغتربين في تملك العقارات. وتعتبر شفا بدران من المناطق التي طُوِّرت بالكامل تقريبًا بجهود القطاع الخاص، مع دعم حكومي محدود مقارنة بمناطق أخرى حظيت برعاية دولية وخليجية، مثل مجمع الملك الحسين للأعمال أو منطقة البوليفارد العبدلي

بالنظر إلى الاقتصاد بشكل قطاعي، يعد قطاع الإنشاءات والعقارات حيويًا للغاية في شفا بدران، حيث يستثمر فيه عدد كبير من المغتربين. ويتبعه في الأهمية القطاع البنكي الذي يوفر قروض الإسكان والمركبات، ثم قطاع المنتجات الغذائية والضيافة. تكتمل دورة هذا الاقتصاد بالقطاع التعليمي ممثلاً بجامعة العلوم التطبيقية، ثم تحويلات المغتربين التي تمثل شريان الحياة
إذًا، يقوم النموذج الاقتصادي للمنطقة على الإسكان، والتمويل، ثم التعليم، وهو نموذج مكرر في عدة مناطق في الأردن. ورغم أن هذا النموذج كان مقبولاً لاقتصاد يعتمد على الطلبة الأجانب والمغتربين والاستثمار الخارجي، إلا أنه يواجه تحديات متزايدة. أهم هذه التحديات هو تراجع إقبال الطلاب الأجانب على التعليم الجامعي في الأردن. وفي محاولة للتصدي لذلك، تسعى “حركة الابتكار المشترك” لخلق تجربة تعليمية فريدة وجاذبة.
كما يواجه المغتربون صعوبات جمة، أبرزها انخفاض فرص العمل في دول الخليج وارتفاع حدة المنافسة مع الجنسيات الأخرى. وعليه، يجب أن تسعى “مدينة فراس ناصر – شفا بدران” لفهم التغيرات المحيطة بها وبناء اقتصاد جديد قائم على الصناعة، والتصدير، والسياحة بمختلف أنواعها، وذلك لتطوير المنطقة كمنطقة اقتصادية قادرة على المنافسة عالميًا

المشاريع المستقبلية: تحول ثقافي ولوجستي
تم ذكر مشاريع واعدة يمكن تحقيقها لمدينة شفا بدران بناءً على قدرات المستثمرين الحاليين ووجود مؤسس “حركة الابتكار المشترك”، فراس ناصر. أول هذه المشاريع هو “المدينة الثقافية”، التي تُشبه نموذج مدينة ستراتفورد أبون آفون، وتقع على بُعد 15 دقيقة من الجامعة الأردنية. وستعرض هذه المدينة أعمالاً فنية حية، أفلامًا، وموسيقى، وألعابًا إلكترونية، وستكون مدينة إرث إنساني مسجلة لدى اليونسكو، إضافةً لكونها مسقط رأس مؤسس الحركة
أما المشروع الاستراتيجي الثاني فهو تحويل الشركات الناشئة إلى شركات متوسطة قادرة على البيع على مستوى إقليمي. وهناك مجموعة من مشاريع “حركة الابتكار المشترك” المرشحة للتحول إلى مشاريع إقليمية، منها مشروع التصنيع الرقمي، ومشاريع السعادة، ومسارعة الصناعة، وجودة التعليم
وبالتأكيد هناك مشاريع لوجستية كبرى أخرى، منها جلب سكة الحديد عالية السرعة إلى مدينة شفا بدران، وهو أمر قابل للتطبيق بالنظر إلى شبه اكتمال خطوط السكك الحديدية في تركيا والسعودية ودول أخرى، مما يُبقي على الأردن وسوريا كحلقة وصل مفقودة. إذًا، هذه المنطقة مُهيأة لتشهد نوعًا من التحول الاقتصادي، وستكون في طليعة من يقود هذا التغيير ويُشرف عليه
الحاجة المُلحة لإعادة هيكلة النموذج الاقتصادي
يُشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن الاعتماد المفرط على قطاع الإسكان وتحويلات المغتربين يمثل نقطة ضعف هيكلية تجعل اقتصاد شفا بدران عرضة لتقلبات أسواق العمل الإقليمية. ومع التضييق على فرص التوظيف في دول الخليج، يصبح النموذج الحالي غير مستدام على المدى الطويل. ويؤكد الدكتور محمد علي، أستاذ الاقتصاد الحضري، على أن “أي مدينة تسعى للنمو المستدام يجب أن تُنّوع مصادر دخلها وتستثمر في رأس المال البشري بدلاً من الاعتماد على رأس المال العقاري وحده. المبادرات المقترحة مثل المدينة الثقافية وتحويل الشركات الناشئة هي استثمارات في الاقتصاد المعرفي الذي يمكن أن يوفر حماية أفضل ضد الصدمات الخارجية
دور الشراكة بين القطاع الخاص والمجتمع في قيادة التنمية
تبرز مبادرات “المدينة الثقافية” وشبكة السكك الحديدية المقترحة كأمثلة على كيفية استخدام الرؤية المجتمعية الطموحة لتحفيز التنمية التي طال انتظارها. إن تحويل شفا بدران إلى مركز يربط الثقافة بالابتكار والتصنيع الرقمي لن يرفع من قيمتها الاقتصادية فحسب، بل سيعزز من هويتها. يتطلب تنفيذ هذه المشاريع العملاقة تضافر جهود القطاع الخاص، الذي أثبت قدرته على تطوير المنطقة سابقًا، مع دعم حكومي يركز على البنية التحتية الاستراتيجية. هذا التعاون هو المفتاح لضمان أن التنمية لا تكون عشوائية، بل مُوَجّهة نحو خلق فرص عمل مستدامة وتوفير جودة حياة أفضل للسكان والمغتربين على حد سواء
